*
السبت، فبراير 26، 2011
°•.♥.•° غالي ترابك يا وطني حبك نهر دمانا °•.♥.•°
*
الأحد، فبراير 20، 2011
*! زيارة الناحية المقدسة !*

*
*
*
فالويل للعصاة الفساق ، لقد قتلوا بقتلك الإسلام ، وعطلوا الصلاة والصيام ، ونقضوا السنن والأحكام ، وهدموا قواعد الإيمان ، وحرفوا آيات القرآن ، وهمجوا في البغي والعدوان ، لقد أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أجلك موتورا ، وعاد كتاب الله عز وجل مهجورا ، وغودر الحق إذ قهرت مقهورا ، وفقد بفقدك التكبير والتهليل ، والتحريم والتحليل ، والتنزيل والتأويل ، وظهر بعدك التغيير والتبديل ، والإلحاد والتعطيل ، والأهواء والأضاليل ، والفتن . فقام ناعيك عند قبر جدك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فنعاك إليه بالدمع الهطول ، قائلا يا رسول الله ، قتل سبطك وفتاك ، واستبيح أهلك وحماك ، وسبيت بعدك ذراريك ، ووقع المحذور بعترتك وذويك ، فانزعج الرسول وبكى قلبه المهول ، وعزاه بك الملائكة والأنبياء ، وفجعت بك أمك الزهراء ، واختلف جنود الملائكة المقربين ، تعزي أباك أمير المؤمنين ، وأقيمت لك المأتم في أعلى عليين ، ولطمت عليك الحور العين . وبكت السماء وسكانها ، والجنان وخزانها ، والهضاب وأقطارها ، والبحار وحيتانها ، ومكة وبنيانها ، والجنان وولدانها ، والبيت والمقام ، والمشعر الحرام ، والحل والإحرام . اللهم فبحرمة هذا المكان المنيف ، صل على محمد وآل محمد ، واحشرني في زمرتهم ، وأدخلني الجنة بشفاعتهم ، اللهم إني أتوسل إليك ، يا أسرع الحاسبين ، ويا أكرم الأكرمين ، ويا أحكم الحاكمين ، بمحمد خاتم النبيين ، ورسولك إلى العالمين أجمعين ، وبأخيه وابن عمه الأنزع البطين ، العالم المكين ، علي أمير المؤمنين ، وبفاطمة سيدة نساء العالمين ، وبالحسن الزكي عصمة المتقين ، وبأبي عبد الله الحسين أكرم المستشهدين ، وبأولاده المقتولين ، وبعترته المظلومين ، وبعلي بن الحسين زين العابدين ، وبمحمد بن علي قبلة الأوابين ، وبجعفر بن محمد أصدق الصادقين ، وبموسى بن جعفر مُظهر البراهين ، وبعلي بن موسى ناصر الدين ، وبمحمد بن علي قدوة المهتدين ، وبعلي بن محمد أزهد الزاهدين ، وبالحسن بن علي وارث المستخلفين ، وبالحجة على الخلق أجمعين ، أن تصلي على محمد و آل محمد الصادقين الأبرين ، آل طه وياسين ، وأن تجعلني في القيامة من الآمنين المطمئنين ، الفائزين الفرحين المستبشرين .
*
الثلاثاء، فبراير 15، 2011
<< العـودة الـى الـديـار >>

*
فـدرب الـمـديـنـةِ حـنَّ لـحـدوِك اشـتـيـاقـا ]
وحينما رأى الامام زين العابدين عليه السلام منها ذلك ، خشي عليها من الهلاك ، فأمر النسوة بتوديع قبور الأحبة ، فلقد حان وقت رجوعهم لمدينة جدهم . وكانت مدة بقائهم في كربلاء ثلاثة أيام .
قال بشر : ( نعم يابن رسول الله إني لشاعر )
فقال عليه السلام : ( فادخل المدينه وانع أبا عبدالله )
فركب فرسه وركض حتى دخل المدينة فلما بلغ مسجد النبي رفع صوته بالبكاء وأنشأ يقول :
يـا أهـل يـثـرب لا مُـقـام لـكـم بـهـا قُـتـل الـحـسـيـن فـأدمُـعـي مـدرارُ
الـجـسـم مـنـه بـكـربـلاء مـضـرجٌ والـرأس مـنـه عـلـى الـقـنـاةِ يُـدار
ثم قال : ( هذا علي بن الحسين مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ، ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله إليكم أُعرفكم مكانه )
*
وأسرع الناس الى حيث نزل الامام عليه السلام وازدحموا حول فسطاطه ، فخرج الإمام ليقابل الجموع الغفيرة المحتشدة لتقدم التعازي ، ومعه خرقة يمسح بها دموعه ، فأخرج الخادم له كرسياً فجلس عليه وهو لا يتمالك نفسه من العبرة ، فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من حوله فأومأ بيده إليهم أن اسكتوا وقال :
( الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلق أجمعين الذي بعد فارتفع في السماوات العلى ، وقرب فشهد النجوى . نحمده على عظائم الأمور وفجائع الدهور وألم الفجائع ومضاضة اللواذع وجليل الرزء وعظيم المصائب الفاظعة الكاظة الفادحة الجائحة . إن الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد الله وعترته وسبي نساؤه وصبيته وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية .
أيها الناس فأي الرجالات منكم يسرون بعد قتله؟ أم أي فؤاد لا يحزن من أجله ، أم أي عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهمالها ، فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان ولجج البحار ، والملائكة المقرّبون وأهل السماوات أجمعون . وأي قلب لا يتصدع لقتله ، وأي فؤاد لا يحن إليه ، وأي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصم . أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأبصار من غير جرم اجترمناه ولا مكروه ارتكبناه ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هذا إلا اختلاق ، والله لو أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفظعها وأمرها وأفدحها فعند الله نحتسب ما أصابنا وما بلغ منا إنه عزيز ذو انتقام )
*
مـا جـرى أمـرٌ رهـيـبٌ مـا جـرى فـتَّ الـحـشـا ]
الثلاثاء، فبراير 01، 2011
-: وإنك لعلى خلق عظيم :-
أمه : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب
توفيت أمه وعمره ست سنين ، أما أباه فقد توفي ولم يكن قد أشرق نور محمد على الدنيا بعد . وبعد وفاة أمه كفله جده عبدالمطلب ولما بلغ عمره ثمان سنين توفى جده فكفله عمه أبو طالب وأحسن كفالته ، وكان لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً ، وصحبه في أسفاره إلى الشام للتجارة .
*
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحكم الناس وأحلمهم وأشجعهم وأعدلهم وأعطفهم وأسخاهم ، لا يثبت عنده دينار ولا درهم ولا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر والشعير ، ويضع سائر ذلك في سبيل الله . وكان يقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ويأكلها ولا يأكل الصدقة ولا يثبت بصره في وجه أحد ، وكان يغضب لربه ولا يغضب لنفسه ، وكان يعصب الحجر على بطنه من الجوع ، ويأكل ما حضر ولا يرد ما وجد ولا يلبس ثوبين بل يلبس بردا حبرة يمنية وشملة وجبة صوف والغليظ من القطن والكتان واكثر ثيابه البياض . وكان إذا لبس جديدا أعطى خلق ثيابه مسكينا ،وكان يلبس خاتم فضة في خنصره الأيمن ، ويشيع الجنائز ويعود المرضى في أقصى المدينة ، يجالس الفقراء ويؤاكل المساكين ويناولهم بيده ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم ويتألف أهل الشر بالبر لهم ، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم ، إلا بما أمر الله ولا يجفو على أحد ، وكان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه القرآن وربما ضحك من غير قهقهة لا يرتفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا في ملبس ، ولا يأتيه أحد حر أو عبد أو أمة إلا قام معه في حاجته ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يغفر ويصفح ، ويبدأ من لقيه بالسلام وإذا لقي مسلما بدأه بالمصافحة . وكان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه وقال ألك حاجة؟ وكان يجلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة . وكان يمزح ولا يقول إلا حقا.
وامتاز النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، فقد كان بعيدا عن كل ما يشين سمعته سواء في أقواله أو أفعاله ، سواء قبل النبوة أو بعدها ، متواضعا عفيفا صادقا أمينا حتى لقبته قريش بالصادق الأمين . وكان صلى الله عليه وآله وسلم حليما كريما سخيا شجاعا أوفى العرب ذمة ، صبورا على المكاره والأذى في سبيل نشر دعوته . وكان لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها ، سفيقا لأصحابه كثير التردد إليهم ، يقبل معذرة من اعتذر إليه ، يحب الفقراء والمساكين ويأكل معهم ، قليل الأكل ، يختار الجوع على الشبع مواساة للفقراء . وكان صلى الله عليه وآله وسلم يجلس على التراب ويرقع ثوبه ويخصف نعله بيده الكريمة ، وكان لا يجلس ولا يقوم إلا ذكر الله تعالى . وقد مدحه الله جل جلاله بقوله تعالى { وإنك لعلى خلق عظيم }
وحتى عندما خرج من الطائف وهو يدعو اهلها الى الإسلام ورموه بالحجارة واثخنوه بالجراح ، وخرج من بينهم حزينا كئبيا كان يشكو الى الله حزنه ويدعو لهم ولم يدع عليهم ، مع أن الامين جبرئيل قال له أنه ينتظر منه كلمة ليخسف بهم الجبال التي تحيط بهم ، مع هذا لم يدعو عليهم ولم يسلط عليهم العذاب ، بل دعى لهم ، وهذا نابع من خلقه الكريم . وأنا شخصياً لا أعتقد بأن سورة عبس التي تقول في مطلعها : { عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَن جَاءَهُ الأَعْمَى } قد نزلت بسبب عبوسه في وجه الأعمى ، فهذا الفعل لا يصدر من شخص مثالي كالرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فالقرآن لا يناقض آياته ، فقد نزلت آية في سورة أخرى تقول : { ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك }
*
خرج صلى الله عليه وآله وسلم إلى الشام في تجارة لخديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة مع غلامها ميسرة ، وكانت خديجة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في تجارتها . ولما علم أبو طالب بأنها تهيئ تجارتها لإرسالها إلى الشام مع القافلة قال له : ( يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي وقد اشتد الزمان علينا وقد بلغني أن خديجة استأجرت فلانا ببكرين ولسنا نرضى لك بمثل ما أعطته فهل لك أن أكلمها؟ ) قال : ( ما أحببت ) . فذهب إليها وقال لها أبو طالب : (هل لك أن تستأجري محمدا؟ فقد بلغنا انك استأجرت فلانا ببكرين ولسنا نرضى لمحمد دون أربعة بكار ) فقالت : ( لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا ، فكيف وقد سألته لحبيب قريب! ) . فرجع الى الرسول الاعظم فقال له : ( هذا رزق وقد ساقه الله إليك ) .
وحينما كان الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم في غار حراء ، يتأمل الكون ويسبح بديع السماوات والارض ، نزل عليه جبرئيل عليه السلام بأمر من الله تعالى إليه ، وأخرج قطعة ديباج فيها خط فقال : ( اقرأ ) فقال : ( كيف أقرء ولست بقارئ؟ ) إلى ثلاث مرات ، فقال في المرة الرابعة : { اقرأ باسم ربك } إلى قوله : { علم الانسان ما لم يعلم } ثم أنزل الله تعالى جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ومع كل واحد منهما سبعون ألف ملك ، وأتي بالكرسي ووضع تاجا على رأس محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأعطى لواء الحمد بيده فقال : ( اصعد عليه واحمد الله ) فلما نزل عن الكرسي توجه إلى خديجة فكان كل شئ يسجد له ويقول بلسان فصيح : ( السلام عليك يا نبي الله ) فلما دخل الدار صارت الدار منورة ، فقالت خديجة : ( وما هذا النور؟ ) قال : ( هذا نور النبوة ، قولي: لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ) فقالت : ( طالما قد عرفت ذلك ) ثم أسلمت ، فقال : ( يا خديجة إني لأجد برداً ) فدثرت عليه فنام فنودي : { يا أيها المدثر } فقام وجعل إصبعه في اذنه وقال : ( الله أكبر ، الله أكبر ) فكان كل موجود يسمعه يوافقه .
*
وكان لفقدها أثر عظيم على قلبه صلى الله عليه وآله وسلم ، وأعظم من الحزن لفقدها ، حزنه عندما فقد عمه حمزة وزوجته خديجة في نفس السنة فأسماه بعام الحزن .
*
وقد بشر كل الرسل بخاتم الأنبياء محمد كما قالت الآية الشريفة : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }
*
ومن أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، والصدقة الخفية تطفئ غضب الله ، وصلة الرحم زيادة في العمر ، وكل معروف صدقة ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة ، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف )
وقد أثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثير من الخطب والرسائل والحكم منها : ( كفى بالموت واعظاً وكفى بالتقى غنى ، وكفى بالعبادة شغلاً وكفى بالقيامة موئلا وبالله مجازياً )
ومن نصائحه لأبا ذر الغفاري :
( يا أباذر : اخفض صوتك عند الجنائز وعند القتال وعند القرآن )
( يا أباذر : إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع واعلم أنك لاحق به )
( يا أباذر : الحق ثقيل مر والباطل خفيف حلو . ورب شهوة ساعة توجب حزنا طويلا )
( يا أباذر : الجليس الصالح خير من الوحدة ، والوحدة خير من جليس السوء . وإملاء الخير خير من السكوت ، والسكوت خير من إملاء الشر )
*
وقد بين صلى الله عليه وآله وسلم مكانة علي بن أبي طالب منه ، حيث آخى بينه وبين الامام علي ، وقال في حقه : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) . وقال صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم :
وقد زوجه من ابنته الطيبة الطاهرة فاطمة البتول ، وأنجب منها خير شباب أهل الأرض جميعاً وهما الحسن والحسين ، فلذتا كبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وكان من عظم منزلة أهل بيته لديه أن اختارهم حينما أراد أن يقابل نصارى أهل نجران . وقد كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابا إلى أبي حارثة أسقف نَجران دعا فيه أهالي نَجران إلى الإسلام ، فتشاور أبو حارثة مع جماعة من قومه فآل الأمر إلى إرسال وفد مؤلف من ستين رجلا من كبار نجران وعلمائهم لمقابلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والاحتجاج و التفاوض معه ، وما أن وصل الوفد إلى المدينة حتى جرى بين النبي وبينهم نقاش وحوار طويل لم يؤد إلى نتيجة ، عندها اقترح عليهم النبي المباهلة ، بأمر من الله ، فقبلوا ذلك وحددوا لذلك يوما ، وهو اليوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة سنة : 10 هجرية .
*
*
قال الله عز وجل : { إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصّلُّونَ على النَّبي يا أيُّها الذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّموا تَسْليما } قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه : ( لا تصلوا علي الصلاة البتراء )
*
ومن مواعظه صلى الله عليه وآله وسلم :
( نصر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها فكم من حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاثة لا يغل عليها قلب عبد مسلم ، إخلاص العمل لله والنصيحة لائمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ، فان دعوتهم محيطه من ورائهم ، المسلمون اخوة تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم )
*
[ تـالله رزء مـحـمـدٍ أوهـى الـقـوى وطـوى الـضـلـوع ومـضَّ فـي الأحـشـاء
*
لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرض ونُعيت إليه نفسه بكى بكاء شديداً ، فقيل له : ( يا رسول الله أوتبكي من الموت وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ ) فقال : ( أين هول المطَّلع ، وأين ضيق القبر وظلمة اللحد ، وأين القيامة والأهوال )
ولما كان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثة أيام هبط عليه جبرائيل عليه السلام ، فقال : ( يا أحمد إن الله أرسلني إليك إكراما وتفضيلا لك وخاصة يسألك عما هو أعلم به منك ، يقول : كيف تجدك يا محمد ) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أجدني يا جبرائيل مغموما ، وأجدني يا جبرائيل مكروبا )
وأغمي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه ، فدق بابه ، فقالت فاطمة عليها السلام : ( من ذا؟ ) قال : ( أنا رجل غريب أتيت أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتأذنون لي في الدخول عليه؟ ) فأجابت : ( إمض رحمك الله فرسول الله عنك مشغول ) .
وكان فاطمة الزهراء تبكي لمرض أبيها وعلمها بقرب المنية منه ، فقال لها : ( أدني مني يا فاطمة ) فأكبت عليه فناجاها ، فرفعت رأسها وعيناها تهملان دموعاً فقال لها : ( أدني مني ) فدنت منه فأكبت عليه فناجاها فرفعت رأسها وهي تضحك ، فتعجب من حولها لما رأوه فسألوها فأخبرتهم : ( لقد نعى نفسه فبكيت فقال يا بنية لا تجزعي فإني سألت ربي أن يجعلك أول أهل بيتي لحاقاً بي فأخبرني أنه استجاب لي فضحكت ) . ثم دعا النبي صلّى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين عليهما السلام فقبلهما وشمهما وجعل يترشفهما وعيناه تهملان.
*
فاستأذن ملك الموت ، فقال جبرائيل : ( يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ، لم يستأذن على أحد قبلك ولا يستأذن على أحد بعدك ) قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( ائذن له ) فأذن له جبرائيل ، فأقبل حتى وقف بين يديه ، فقال : ( يا أحمد إن الله تعالى أرسلني إليك وأمرني أن اطيعك فيما تأمرني ، إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها وان كرهت تركتها ) فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أتفعل ذلك يا ملك الموت؟ ) فقال : ( نعم بذلك امرت أن أطيعك فيما تأمرني ) فقال له جبرائيل : ( يا أحمد إن الله تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك ) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا ملك الموت إمض لما امرت به )
وإنه لما دنت الوفاة منه صلى الله عليه وآله وسلم قالت فاطمة الزهراء مخاطبة أباها : ( يا أبتاه ألا تكلمني كلمة فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا وأرى عساكر الموت تغشاك شديداً ) ففتح عينيه وقال : ( بنية نعم وإني مفارقك فسلام عليك مني ) وفي ذلك اليوم التفت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام ويد فاطمة بيده فوضعها في يد علي وقال :
[ مـن ذا يـعـزي الـمـرتـضـى فـي الـمـصـطـفـى والأنـبـيـاء بـسـيد الأمـنـاء
*
أتى أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى رسول الله وأخذ بقدميه وأخذ يقبلهما وبكي فغشي عليه ولما أفاق قال : ( من لي ولولدي بعدك يا رسول الله؟ ) فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأسه وقال : ( الله بعدي ووصيي صالح المؤمنين ) .
فجاء الحسن والحسين عليهما السلام ، يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله صلى الله عليه وآله فأراد علي عليه السلام أن ينحيهما عنه ، فأفاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال : ( يا علي دعني أشمهما ويشماني وأتزود منهما ويتزودان مني ، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما ، فلعنة الله على من يظلمهما ) وقبّل الحسن على فمه ، لأنه موضع السم ، وقبّل الحسين على نحره لأنه موضع السيف ، فاستذكر يوماً يكون فيه حفيده وحيداً فريداً ، يحوم حوله جماعة الشر ، قوم لا تنالهم شفاعته لا في دنيا ولا في آخرة ، فبكى وقال : ( مالي وليزيد! )
وكان أمير المؤمنين حاضرا عنده فلما قرب خروج نفسه قال له : ( يا علي ضع رأسي في حجرك ، فقد جاء أمر الله فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ثم وجهني إلى القبلة وتولّ أمري وصلِّ عليَّ أول الناس ولا تفارقني حتى تواريني في لحدي ) فأخذ عليّ رأسه ووضعه في حجره فأغمي عليه صلى الله عليه وآله وسلم فانكبت فاطمة عليها السلام تنظر في وجهه وتقول :
ففتح رسول الله عينيه وقال بصوت ضئيل : ( يا بنية هذا قول عمك أبي طالب لا تقوليه ولكن قولي : { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } ) ، فبكت طويلا .
ثم جلس جبرئيل عن يمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وميكائيل عن يساره ، وملك الموت بين يديه ، وجعل يقبض روحه ، فقال جبرئيل : ( يا ملك الموت احفظ وصية الله في روح محمد ) ثم مد النبي يده إلى علي وقال : ( ادن مني يا علي فقد جاء أمر ربي ) ثم جذب عليا تحت ثوبه وتحت فراشه ووضع فاه على فيه وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى فارقت روحه الشرية جسده، فانسل علي من تحت الفراش باكيا حزينا ويقول : ( عظم الله أجوركم في نبيكم ) فارتفعت الأصوات بالضجة والبكاء ، وضج أهل المدينة وجعلوا يحثون التراب على رؤوسهم وينادون : ( وا سيداه ، وا نبياه ، وا محمداه ، وا أبا القاسماه )
[ ولـفـقـده جـبـريـل نـادى فـي الـسـمـا صـوتـا وجـبـريـلٌ بـه مـثـكـول
*
وكانت وفاته صلى الله عليه وآله وسلم يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر أي في اليوم الثامن والعشرين من صفر ، وكان عمره ثلاث وستون سنة ، قال علي عليه السلام : ( أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لا يغسله أحد غيري ، فكان الفضل وأسامة ، يناولانني الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين ) فلما فرغ من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده لم يشركه معه أحد في الصلاة عليه . ولما واراه في ملحودة قبره وأهل التراب عليه جلس يبكي على قبره وأنشأ يقول :
هـذا الـنـبـي ولـم يـخـلـد لأمـتـه لـو خـلـد الله خـلـقـاً قـبـلـه خـلـدا
لـلـمـوت فـيـنـا سـهـام غـيـرُ خـاطـئـة مـن فـاتـه الـيـومَ سـهـمٌ لـم يـفــتـه غـدا
وأتت الزهراء فانكبت على قبر أبيها تحثو التراب على وجهها تندبه وتبكي رحيله وتصيح من قلبها المملوء بالاسى والحزن :
مـاذا عَـلَـى مـن شـمِّ تُـرْبَـةَ اَحْـمَـد اَنْ لا يَـشَـمَّ مـدا الـزَّمـانِ غَـوالِـيـا
*
وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه وأين يدفن فخرج إليهم أمير المومنين عليه السلام وقال لهم : ( أن رسول الله إمامنا حيا وميتا فليدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام وينصرفون ، وان الله لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه ، وإني لدافنه في حجرته التي قبض فيها ) فسلم القوم لذلك ورضوا به .
*
ومثلما تزلزت السماوات لمولده ، وارتجت السماوات السبع فرحاً ، وابتهجت الدنيا سروراً لاستقباله ، حزنت الدنيا حزناً شديداً على فراقها لروحه الطاهرة . واتشحت المدينة بالسواد ، وأعلنت السماوات والأرض الحداد وأقامت العزاء لوفاة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم .
ومن حكمه المنيرة للدروب :
( رضى الرب في رضى الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين )
( الرحم معلقة بالعرش تقول اللهم صِلْ من وصلني واقطع من قطعني )
( التاجر الأمين الصدوق مع الشهداء يوم القيامة )
( إتقوا الله في الضعيفين ، المرأة الأرملة والصبي اليتيم )
( إتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا ، فإنها ليس دونها حجاب )
( من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله )
( من لا يَرْحم لا يُرْحَمْ )
*
سـلامٌ عـلى خـاتـم الأنـبـيـاء ، سـلامٌ عـلـى سـيـد الأوصـيـاء ، سـلامٌ عـلـى قـمـة الـعـلـيـاء ، سـلامٌ عـلـى مـن روحـي لـه الـفـداء ، سـلامٌ عـلـى مـن خُـلِـقَ قـبـل الـمـيـزان والانـشـاء ، سـلامٌ عـلـى خـيـر الـورى ، سـلامٌ عـلـى كـاسـفِ شـمـسِ كـسـرى ، سـلامٌ عـلـى مـن بـضـعـتـهِ الـزهـراء والـريـحـانـتـيـن مـن صـلـبـه الأنـقـى ، ووصـيـه الـكـرار عـلـي الـمـرتـضـى ، سـلامٌ عـلـى مـن اتُـهِـم بـالـهـجـرِ زورا ، سـلامٌ عـلـى مـن لا يـنـطـقُ عـن الـهـوى إن هـو الا وحـيٌ يـوحـى . يـا قـلـبـي ضـجَّ بـالـنـحـيـبِ والـبـكـاء ، ويـا روحـي الـتــحـفـي ظـلـمـةَ الـسـمـاء ، قـد غـاب الـيـوم نـور اللهِ عـن الأرجـاء ، الـيـوم قـتـلـوا الـحـبـيـب شـفـيـعـنـا يـوم الـمـحـشـر ، الـيـوم هـشـمـوا ضـلـع بـضـعـتـه الـكـوثـر ، الـيـوم قـطــعـوا كـبـده الـطـهـرالـمـطـهـر ، الـيـوم نـحـروا الآيـات والـسـور ، الـيـوم مـلـجـم قـتـل الـلـيـث الـقـسـور ، الـيـوم الـكـونُ ظـلام والاشـراقُ يُـحـتـضَـر ، والاسـلام ضـاع والـنـاسُ بـالـفــسـوق تـجـهـر ، لـيـتـنـي ضـجـيـعُ قـبـرك الـروض الأزهـر ، أتـنـفـسُ عـطـرك وأرتـوي مـن وردِكَ الأوفـر .