الاثنين، يونيو 27، 2011

⋟ موسى في قعر السجون ⋞



*
[ قـضـى وحـده فـي الـسـجـن مـلـتـهـب الـحـشـا فـلـهـفـي عـلـيـه ذلـك الـمـتـهـجـد
قـضـى فـي طـوامـيـر الـسـجـون بـغـربـة عـن الأهـل والأوطـان قـهـراً مُـبـعـد ]

*
عاصر الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام في حياته أربعاً من الخلفاء العباسيين وكان أولهم المنصور العباسي وكان معروفاً بظلمه وبطشه بالناس وذلك لسلطانه .ولم يكتفي بإيذاء الشيعة بل راح يضطهد فقهاء أهل السنة حتى وصل به الحال الى جلد أبا حنيفة ، وقد ضجت السجون من كثرة المسجونين . وقد بالغ في تعذيبهم وتشريدهم وقضى بقسوة بالغة على معظم الحركات المعارضة ، فواجه الامام الكاظم هذا الخليفه اللعين وكان عمر الامام 20 عاماً وعندما اطلع المنصورمن خلال عامله على المدينة على رحيل الامام الصادق عليه السلام كتب إليه : ( اذا كان جعفر بن محمد قد عيّن أحد خليفة له فأحضره واضرب عنقه )
*
ولم تمض فترة طويلة حى جاء كتاب من عامله على المدينة الى بغداد بهذا المضمون :
( إن جعفر بن محمد قد عيّن في وصيته 5 أوصياء له وهم الخليفة المنصور العباسي ومحمد بن سليمان عامل المدينة وعبدالله بن جعفر ابن محمد أخو الامام الكاظم وموسى بن جعفر وحميدة زوجته )

*
وكان عامل المدينة قد سأل في آخر الرسالة عن الشخص الذي يجب قتله
فصاح المنصور أنه لا يمكن قتل هؤلاء . ومن المؤكد أن وصية الامام كانت حركة سياسية ، لأنه كان قد عيّن الامام الكاظم وعرّفه لشيعته والعلويين ، وبسبب علمه بمخططات المنصور المشؤومة أوصى بهذه الوصية حفاظاً على الامام السابع .
*
وبعد انتهاء حكم المنصور تنفس الناس الصعداء بعد سنين الاضهاد ، وتقلد الخلافة ابنه المعروف بالمهدي واسمه محمد ، وكان أقل قسوة من أبيه على العلويين وعلى الامام الكاظم . وقد سنحت هذه الفترة للامام الكاظم بنشر علومه في أوساط الأمة .
*
وتقلد الخلاقة من بعده ابنه الهادي وكان حكمه مصدراً للأحداث المريرة ومن جملتها واقعة فخ الكبيرة والتي استشهد فيها عدد كبير من العلويين .
وعندما مات استلم الخلافه هارون الررشيد وكان أشدهم على الامام عليه السلام ، فكان يحاول دائما التقليل من هيبة الامام ومكانته أمام الناس لأنه كان يعرف أن الكاظم هو الامام الحق وقلوب الناس معه .
وفي يوم التقى معه وهو في جانب الكعبة فقال له هارون الرشيد : (هل أنت من بايعه الناس خِفية ورضوا ابه إماماً؟ )
فأجابه عليه السلام : ( أنت إمام الأجسام وأنا إمام القلوب )
*

[ تعـالـيـتَ لـم تـخضـع لـسـيـفٍ وحـاكـمٍ ، وحـاشـاك أن تـمـددْ يـديـكَ لـظـالـم
وأبـديـتَ غـيـظـاً تـارة وكـظـمـتـهُ ، فـبـوركـت مـن بـادٍ لـغـيـظ وكـاظـم ]

*
وعندما وقف هارون على قبر الرسول وقال : ( السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يابن عم )
وكان يريد أن يبين صلته بالرسول ويتفاخر بها أمام الناس فتقدم . الامام الكاظم وقال :
(السلام عليك يارسول الله ، السلام عليك يا أبتِ )
*
فتغير وجه هارون وتبين الغيظ فيه فقال : ( هذا هو الفخر حقاً )
*
ولم يكتفي بذلك فكان يريد انكار انتساب الأئمة الى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم أبناءه فقد سأل للامام يوماَ : ( لِمَ يقولون لكم يابني رسول الله ؟ ولِمَ جوّزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم الى الرسول ويقولون ذلك وأنتم بنو علي وإنما يُنسب الابن الى أبيه والرسول من قِبل أمكم )
*
فأجاب الامام عليه السلام بهذه الآية الكريمة : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرّيّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىَ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيّا وَيَحْيَىَ وَعِيسَىَ وَإِلْيَاسَ كُلّ مّنَ الصّالِحِينَ }

*
وأضاف الامام : ( فإنما اُلحِق عيسى بذراري الأنبياء من قِبَل مريم
واُلحقنا بذراري النبي من قِبَل أمنا فاطمة )
فلم يجد هارون جواباً .
*
وقد دعته هذه الأسباب وغيرها الى زجّ الامام بالسجن مع علمه أنه الامام الحق .
وقد وشى بالامام عليه السلام أقرب الناس إليه وهو علي بن اسماعيل ابن جعفر ووشى به محمد بن جعفر حيث دخل على هارون فسلم عليه بالخلافة وقرأ له قصيدة تبين أن هناك من يسلم على الامام بالخلافه أيضاً فقال لهارون : ( ما ظننت أن في الارض خليفتين حتى رأيت أخي موسى بن جعفر يُسَلَّم عليه بالخلافه ) . فما كان من هارون الرشيد الا بسجن الامام لكي يحمي سلطانه ويحافظ على كرسيه .
*
وجاء الشرطة يبحثون عن الامام عليه السلام فوجدوه قائماً يصلي عند قبر جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقطعوا عليه صلاته ولم يمهلوه من اتمامها ، وحُمِلَ عليه السلام من هناك الى سجن البصرة مقيداً بالحديد وعيناه تسيلان دموعاً وهو يقول : ( إليك أشكو يا رسول الله ) .
*
ولما أوصلوه الى السجن سُجن عند عيسى بن جعفر مقفلٌ عليه السجن لا يُفتح له إلا للطهور وادخال الطعام . وكان عليه السلام يقضي أوقاته في السجن بالعبادة والتضرع الى الله وسُمِعَ يقول : ( اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أنْ تفرغني لعبادتك ، اللهم وقد فعلت فلك الحمد ) .
*
وبعد تلك المدة طلب عيسى بن جعفر من الرشيد نقل الامام إليه وإلا أطلق سراحه ، لأنه ما رأى منه الا العبادة والبكاء من خشية الله والخير الكثير .
فقبِلَ قول عيسى ونقل الامام الى بغداد مقيداً تحُفُّ به الحراس ، حتى أوصلوه الى بغداد فأُودع في سجن الفضل بن الربيع .
ولم يزل ينقل من سجن الى سجن حتى وصل الى سجن الفضل بن يحيى .
*

[ لـهـفـي عـلـيـه سـجـيـنـاً طـول مـدتـه مـازال يُـنـقـل مـن سـجـن الـى ثـانـي
مـن طِـيـبـة أزعـجـوه وهـي مأمنه وكـان فـي مـلـتـجـى أمن وايماني ]

*
وكانو هؤلاء السجانين يضيقون عليه بأمر من الرشيد . ولما كان الامام في سجن الفضل كان الرشيد يراقب حال الامام بنفسه . فأطل يوماً من أعلى القصر على السجن ، فرأى ثوباً مطروحاً على الأرض في مكان لم يتغير عن موضعه ، فقال للفضل : ( ماذاك الثوب الذي أراه كل يوم في نفس الموضع؟ )
فقال الفضل : ( ماذاك بثوب وإنما هو موسى ابن جعفر ، له في كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس الى وقت الزوال )

*
فقال هارون : ( أما أن هذا من رهبان بني هاشم )
فقال الفضل : ( مالك قد ضيقت عليه بالحبس )
قال هارون : ( هيهات لابد من ذلك )
*
[ فـلـمّـا رأت مـنـكَ الـعـبـادةَ أيـقـنـتْ ، بـأنـك حـقـاً مِـن سُـراةِ الأعـاظـم
هـي الـنـفـسُ تـسمـو فـوقَ كـلَّ دنـيـئـةٍ ، إذا كـانـت الاخـلاق إحـدى الـدعائـِم ]

*
ومن طرق التعذيب التي كانوا يتعبوها ليعذبوا الامام ، هي ادخال جارية عليه ، من بنات الفسق والفجور لتحرضه على المنكر . وقد دخلت جارية عليه يوماً ، وبعد مدة أطلوا على السجن لينظروا ماذا فعلت ، واذا بهم يفاجئوا بمنظر الجارية وهي ساجدة خلف الامام الكاظم تردد ما يقول من مناجاة واستغفار وتضرع لله تعالى ودموعها جارية ، فأخرجوها وسألوها عن الأمر ، فقالت : ( ذكرتني هيبة وجهة وجلال منظره بالله عز وجل )
*
وكان يطلب بين الحين والآخر أن يُفتك بالامام ، والفضل لم يجبه الى ذلك . ولما طال بقاء الامام في السجن قام في غلس الليل مجدداً طهوره وصلى لربه أربع ركعات وأخذ يناجى الله تعالى :
*
( يا سيدي نجني من حبس هارون وخلصني من يده ، يا مخلص الشجر من بين رمل وطين ، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر ، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ، ويا مخلص الولد من بين مشيمه ورحم ، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء ، خلصني من يد هارون )
*
أيُّ ظلم وقمع وتعذيب قد لاقاه الامام – بأبي هو وأمي – حتى نفد صبره وأخذ يطلب بالخلاص من السجن؟ لقد احتمل الامام مالا يحتمله أي انسان . فقد قضى عمره تحت الارض بين جدران السجن بعيد عن أهله ومحبيه ، لا يزوره أحد منهم ، ليس رغبة منهم في تركه بل غصباً عنهم . وكان الامام يراسل شيعته خفية بالرسائل ، يعلمهم ويجيب عن أسئلتهم قدر استطاعته .
*
وبعد أن أتم الامام دعاءه ، استجاب الله له ذلك ، فأمر الطاغيه اطلاق سراحه .
ولكن اطلاق سراحه كان اطلاقاً مؤقتاً دام عدة أيام عاشها الامام مُكرهاً في بغداد . وكان هارون يهدد الامام بالقتل . وبعد ذلك أرجعه الى سجن الفضل بن يحييى ، وأمره بالتضييق عليه ، لكنه فعل عكس ذلك ولما علم الطاغيه بذلك أمر بنقل الامام لسجن السندي بن شائك . وكان عدواً لآل محمد ، قاسي القلب ، وأمره أن يضيق على الامام وتقييده بـ30 رطلاً من الحديد ، وأن يقفل عليه الأبواب ، ولا يدعه يخرج . فامتثل لأمره فوضعه في طامورة لا يُعرف فيها الليل من النهار ، وأوثقه بالحديد ، حتى أثّر الحديد في جسده الشريف .
*

[ روحـي فـداه بـعـيـداً عـن عـشـيـرتـه ، لا بـل بـعـيـد الـلـقـى مـن أي انـسـان ]
*
وكتب الامام الى علي بن سويد ، وكان بن سويد قد سأل الامام مسائل فكتب اليه بعدما أجابه على مسائله : ( إني أنعى اليك نفسي في لياليَّ هذه ، غير جازع ولا نادم ولا شاك فيما هو كائن من قضاء الله عزوجل وحتم ، فاستمسك بعروة الدين )
*
فما مضت تلك الأيام حتى بعث الطاغيه الى السندي رطب مسموماً وأمره أن يقدمه الى الامام الكاظم فامتثل امر طاغيته ، وقدمه الى الامام وأجبره على أكله فرفع باب الحوائج يده الى السماء وقال : ( يارب إنك تعلم أني لو أكلت قبل كنت قد أعنت على نفسي )

*
ثم تناول 7 رطبات فأكلها ثم امتنع ، فقال له السندي : ( زد على ذلك )

فرمقه الامام بطرفه وقال : ( حسبك قد بلغت ما تحتاج اليه )
*
وبعد ذلك أخذ السم يسري في بدنه وهو يعاني أشد الآلام في تلك الطامورة . وأحاط به الأسى والحزن حيث لا أحد من أهله وأحبته عنده . وبقي على هذه الحالة 3 أيام . وبينما هو يسمع أخشن الكلام وأغلظه من السندي وهو في تلك الحالة ، اذ ادخل عليه السندي 80 رجلاً من وجوه بغداد وأعيانها ، وقال لهم : ( انظروا الى هذا الرجل هل حدث فيه حدث )
*
فقال الامام : ( اِشهدوا أني صحيح في الظاهر ، ولكني مسموم وسأحمر حمرة شديدة وأبيضّ بعد غد ، وأمضي الى رحمة الله ورضوانه )
*
عند ذلك أوصى وصيته الأخيرة وأشهد جميع الذين حضروا واتصل بحميد بن سويد سراً ، بعد أن اعطى السجانين بعض المال فسأله قائلاً : ( سيدي متى الفرج فوالله لقد ضاقت صدورنا )
فقال له الامام : ( الفرج قريب يابن سويد )
قال : ( متى سيدي؟ )

*
قال عليه السلام : ( يوم الجمعة ضحىً على الجسر ببغداد )
*
[ عـلـى الـجـسـر تـبـكـيـكَ الـعـُـيـونُ ، وحـزنـنـا عـلـيـك عظيـمٌ مـثـل حـزن الـفـواطـم
سـلامـاً عـلـى جـسـر تـزاحَـمَ فـوقـه ، أنـيـنُ الحـيـارى بـيـنَ بـاك ولاطـم ]

*
فخرج ابن سويد ورجلاه لا تكاد تحملاه من الفرح بهذا الخبر ، ووصل الى دور أصحابه وطرقها باباً باباً وهو يقول لهم البشرى :
( إن الامام يخرج ضحىً الجمعة على الجسر ببغداد )
*
وفي ذلك اليوم وبينما هم سماطين ينتظرون خروج الامام بطلعته البهية ، واذا بجنازة مطروحة والمنادي ينادي : ( هذا إمام الرافضة قد مات حتفاً ، فانظروا اليه ) . فجعل الناس يتفرسون في وجهه . يقول بن سويد : ( جئت لأنظر اليه واذا هو سيدي ومولاي موسى بن جعفر )

*
فأخذ أنصاره وشيعته ومحبيه ينوحون ويبكون ، وبينما هم كذلك واذا بطبيب نصراني يمر بجانبهم وكان بينه وبين بن سويد صحبه ، فقال له : ( أقسم عليك بالمسيح إلا ما رأيت سبب موت هذا المسجّى )
فقال الطبيب ( اكشف لي باطن كفه )
فكشف له ، وأخذ ينظر فيها ويهز برأسه

*
فقال بن سويد : ( اخبرني ما رأيت )
قال الطبيب : ( هل لهذا الرجل من عشيرة؟ )
قال : ( بلى هذا موسى بن جعفر سيد بني هاشم )

*
قال : ( يابن سويد ابعث الى أهله فليحضروا ويطالبوا بدمه فإنه مات مسموماً )

*
وسمع النداء على جنازة الامام سليمان عم هارون فسأل عن الخبر ، قيل له أن على الجسر جنازة أحد الناس مات في سجن الخليفة
فقال : ( ويحك ما أكثر الذين يموتون في السجن ، ولكني أرى بغداد تموج بأهلها ، ويحكم انظروا من لهذه الجنازة )
فرجعوا وهم يقولون انها جنازة رجل حجازي فقال : ( انظروا من أين )

*

فقالوا من بني هاشم فقال : ( ويحكم أنا من بني هاشم ، لمن تكون هذه الجنازة )
قالوا هي جنازه موسى بن جعفر .
*

[ وأربـعـة جـاؤوا بـنـعـش إمـامـنـا وأصـواتـهـم مـنـها الـحـشـا يـتـوقـد
يـنـادون هـذا نـعـش مـوسـى بـن جـعـفـر هـلـمـوا الـيـه أيـهـا الـنـاس واشـهـدوا ]

*
فأمرهم سليمان أن يضعوا الجنازة على مفرق أربعة طرق وراح المنادون ينادون : ( ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليخرج ) .

*
ثم جهز الامام وكان الذي جهزه ولده الرضا كما يقول المسيّب : ( فوالله لقد رأيتهم وهو يظنون أنهم يغسلونه ولا تصل أيديهم اليه ، ويظنون أنهم يحنطونه ويكفنونه ، وأراهم لا يصنعون به شيئاً ، ورأيت ذلك الشخص يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه ، وهو يُظهر المعاونة لهم وهم لا يعرفونه )
*
فلما فرغ من تجهيزه قال ذلك الشخص : ( يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشك فيّ ، فإني إمامك ومولاك وحجة الله تعال عليك بعد أبي ، يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق ، ومثلهم مثل اخوته ، حيث دخلوا فعرفه وهم له منكرون ) . وكان ذلك الشخص هو الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام .
*
وقد استشهد الامام وهو في عمر 55 عاماً في 25 رجب لسنة 183
وحُمل الامام الكاظم عليه السلام حتى دُفن في مقابر قريش واُمر برفع قبره أكثر مما اَمر به عليه السلام . ثم رفعو بعد ذلك قبره وبنوا عليه .
*
من زيارته
:

*
( اللهم صل على محمد وأهل بيته ، وصل على موسى بن جعفر وصي الأبرار ، وإمام الأخيار ، وعِيبة الأنوار ، ووارث السكينة والوقار ، والحكم والآثار ، الذي كان يحيي الليل بالسهر الى السحر بمواصلة الاستغفار ، حليف السجدة الطويلة ، والدموع الغزيرة ، والمناجاة الكثيرة ، والضراعات المتصلة ، ومقر النهى والعدل ، والخير والفضل ، والندى والبذل ، ومألف البلوى والصبر ، المضطهد بالظلم ، والمقبور بالجور ، والمعذب في قعر السجون ، وظلم المطامير ، ذي الساق المرضوض بحلق القيود ، والجنازة المنادى عليها بذل الاستحفاف ، والوارد على جده المصطفى ، وأبيه المرتضى ، وأمه سيدة النساء بإرث مغصوب ، وولاء مسلوب ، وأمر مغلوب ، ودم مطلوب ، وسم مشروب . اللهم وكما صبر على غليظ المحن ، وتجرع غصص الكرب ، واستسلم لرضاك ، وأخلص الطاعه لك ، ومحض الخشوع ، واستشعر الخضوع ، وعاد البدعة وأهلها ، ولم يلحقه في شيء من أوامرك ونواهيك لومة لائم ، صل عليه صلاة نامية منيفة زاكية ، توجب له بها شفاعة أمَمٍ من خلقك من براياك ، وبلغه عنا تحية وسلاماً ، وائتنا من لدنك في موالاته فضلاً واحساناً ومغفرة ورضواناً إنك ذو الفضل العميم ، والتجاوز العظيم برحمتك يا أرحم الراحمين )
*
اللهم ارزقنا زيارته في الدنيا ، وشفاعته في الآخرة