السبت، مايو 14، 2011

{ وبِـالـوالِـدَيْـنِ احْـسـانـا }



*

لقد أوصى الله تبارك وتعالى الانسان بوالديه ، وما لهما عليه من حقوق وواجبات ، منها أن يطيعهما إلا فيما يغضب الله ، ويبرهما ولا يكون عاقاً لهما .

وقد ذكر الله سبحانه آيات في القرآن الكريم في بر الوالدين

*

{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً }

{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ }

*

وأيضاً ، أوصى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والائمة الأطهار بالوالدين ومعاملتهما بالاحسان والمعروف .

فلقد ورد في رسالة الحقوق للامام زين العابدين عليه السلام أنه قال :

*

( وأما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً ، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة ، موابلة محتملة لما فيه مكروهها وألمها وثقلها وغمها ، حتى دفعتها عنك يد القدرة ، وأخرجتك الى الارض . فرضيت أن تشبع وتجوع هي ، وتكسوك وتعرى ، وترويك وتظمأ ، وتظلك وتضحى ،وتنعمك ببؤسها وتتلذذ بالنوم بأرقها ، وكان بطنها لك وعاء ، وحجرها لك حواء ، وثديها لك سقاء ، ونفسها لك وقاء ، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك فتشكرها على قدر ذلك فإنك لا تطيق شكرها ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه )

*

وفي حق الأب :
*

( وأما حق أبيك فتعلم أنه أصلك ، وأنك فرعه ، وأنك لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه . فاحمد الله واشكره على قدر ذلك . ولا قوة إلا بالله )

*

وإن في الدعاء للوالدين الخير الكثير والرزق الواسع . وكانوا آل البيت الأطهار يدعون لوالديهم ويحثون الناس على الدعاء للوالدين . وهذا الدعاء قد ورد في الصحيفة السجادية .

دعاء الامام زين العابدين عليه السلام للوالدين :

*

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْـدِكَ وَرَسُولِـكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ ، وَاخْصُصْهُمْ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَسَلاَمِكَ ، وَاخْصُصِ اللَّهُمَّ وَالِدَيَّ بِالْكَرَامَةِ لَدَيْكَ ، وَالصَّلاَةِ مِنْكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

*
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَلْهِمْنِي عِلْمَ مَا يَجبُ لَهُمَا عَلَيَّ إلْهَاماً ، وَاجْمَعْ لِي عِلْمَ ذلِكَ كُلِّهِ تَمَامـاً ، ثُمَّ اسْتَعْمِلْنِي بِمَا تُلْهِمُنِي مِنْـهُ ، وَوَفِّقْنِي لِلنُّفُوذِ فِيمَا تُبَصِّـرُنِيْ مِنْ عِلْمِهِ ، حَتَّى لاَ يَفُوتَنِي اسْتِعْمَالُ شَيْء عَلَّمْتَنِيْهِ ، وَلاَ تَثْقُلَ أَرْكَانِي عَنِ الْحُفُوفِ فِيمَا أَلْهَمْتَنِيهِ .
*

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ كَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ كَمَا أَوْجَبْتَ لَنَا الْحَقَّ عَلَى الْخَلْقِ بِسَبَبِهِ . أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابُهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ ، وَأَبَرُّهُمَا بِرَّ الأُمِّ الرَّؤُوفِ ، وَاجْعَلْ طَاعَتِي لِوَالِدَيَّ وَبِرِّيْ بِهِمَا أَقَرَّ لِعَيْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنَانِ ، وَأَثْلَجَ لِصَدْرِي مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ ، حَتَّى أوثِرَ عَلَى هَوَايَ هَوَاهُمَا وَأُقَدِّمَ عَلَى رِضَايَ رِضَاهُمَا ، وَأَسْتَكْثِرَ بِرَّهُمَا بِي وَإنْ قَلَّ وَأَسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِمَا وَإنْ كَثُرَ .
*

اللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُمَا صَوْتِي ، وَأَطِبْ لَهُمَا كَلاَمِي ، وَأَلِنْ لَهُمَا عَرِيْكَتِي ، وَاعْطِفْ عَلَيْهِمَا قَلْبِي ، وَصَيِّرْنِي بِهِمَا رَفِيقاً ، وَعَلَيْهِمَا شَفِيقاً . اللَّهُمَّ اشْكُرْ لَهُمَا تَرْبِيَتِي وَأَثِبْهُمَا عَلَى تَكْرِمَتِي ، وَاحْفَظْ لَهُمَا مَا حَفِظَاهُ مِنِّي فِي صِغَرِي . اللَّهُمَّ وَمَا مَسَّهُمَا مِنِّي مِنْ أَذَىً أَوْ خَلَصَ إلَيْهِمَا عَنِّي مِنْ مَكْرُوه أَوْ ضَاعَ قِبَلِي لَهُمَا مِنْ حَقٍّ فَاجْعَلْهُ حِطَّةً لِذُنُوبِهِمَا ، وَعُلُوّاً فِي دَرَجَاتِهِمَا ، وَزِيَادَةً فِي حَسَنَاتِهِمَا ، يَا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ بِأَضْعَافِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ .
*

أللَّهُمَّ وَمَا تَعَدَّيَا عَلَيَّ فِيهِ مِنْ قَوْل ، أَوْأَسْرَفَا عَلَيَّ فِيْهِ مِنْ فِعْل ، أَوْ ضَيَّعَاهُ لِي مِنْ حَقٍّ أَوْ قَصَّرا بِي عَنْهُ مِنْ وَاجِب ، فَقَدْ وَهَبْتُهُ وَجُدْتُ بِهِ عَلَيْهِمَا ، وَرَغِبْتُ إلَيْكَ فِي وَضْعِ تَبِعَتِهِ عَنْهُمَا ، فَإنِّي لا أَتَّهِمُهُمَا عَلَى نَفْسِي ، وَلاَأَسْتَبْطِئُهُمَا فِي بِرِّي ، وَلا أكْرَهُ مَا تَوَلَّياهُ مِنْ أَمْرِي ، يَا رَبِّ فَهُمَا أَوْجَبُ حَقّاً عَلَيَّ ، وَأَقْدَمُ إحْسَانـاً إلَيَّ ، وَأَعْظَمُ مِنَّةً لَـدَيَّ مِنْ أَنْ أقَاصَّهُمَا بِعَدْل ، أَوْ أُجَازِيَهُمَا عَلَى مِثْل ، أَيْنَ إذاً يَا إلهِيْ طُولُ شُغْلِهِمَا بِتَرْبِيَتِي ؟ وَأَيْنَ شِدَّةُ تَعَبِهِمَا فِي حِرَاسَتِيْ ؟ وَأَيْنَ إقْتَارُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لِلتَّوْسِعَةِ عَلَيَّ؟ هَيْهَاتَ مَا يَسْتَوْفِيَانِ مِنِّي حَقَّهُمَا ، وَلاَ اُدْرِكُ مَا يَجِبُ عَلَيَّ لَهُمَا وَلا أَنَا بِقَاض وَظِيفَةَ خِدْمَتِهِمَا .
*

فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَعِنِّي يَا خَيْرَ مَنِ اسْتُعِينَ به . وَوَفِّقْنِي يَا أَهْدَى مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ ، وَلاَ تَجْعَلْنِي فِي أَهْلِ الْعُقُوقِ لِلآباءِ وَالأُمَّهاتِ يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَيُظْلَمُونَ . أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ وَذُرِّيَّتِهِ ، وَاخْصُصْ أَبَوَيَّ بِأَفْضَلِ مَا خَصَصْتَ بِهِ آبَاءَ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَاُمَّهَاتِهِمْ يَا أَرْحَمَ الـرَّاحِمِينَ . أللَّهُمَّ لاَ تُنْسِنِي ذِكْرَهُمَا فِي أَدْبَارِ صَلَوَاتِي وَفِي أَناً مِنْ آناءِ لَيْلِي ، وَفِي كُلِّ سَاعَة مِنْ سَاعَاتِ نَهَارِي .
*

أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي بِدُعَائِي لَهُمَا ، وَاغْفِرْ لَهُمَـا بِبِرِّهِمَـا بِي ، مَغْفِرَةً حَتْمـاً ، وَارْضَ عَنْهُمَا بِشَفَاعَتِي لَهُمَا رِضَىً عَزْماً ، وَبَلِّغْهُمَا بِالْكَرَامَةِ مَوَاطِنَ السَّلاَمَةِ . أللَّهُمَّ وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُكَ لَهُمَا فَشَفِّعْهُمَا فِيَّ ، وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُـكَ لِي فَشَفِّعْنِي فِيْهِمَا ، حَتّى نَجْتَمِعَ بِرَأفَتِكَ فِي دَارِ كَرَامَتِكَ وَمَحَلِّ مَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ ، إنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالْمَنِّ الْقَدِيْمِ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .